سيذكر تاريخ الكنيسة الكاثوليكيّة أن عام 2016 كان عامَ يوبيل الرّحمة. وكما هو معلوم، فإن الرّحمة هي لبُّ المسيحيّة والإسلام. ولهذا السبب، نظّم المعهد البابويّ للدّراسات العربيّة والإسلاميّة مؤتمرًا دوليًّا خلال هذا العام اليوبيليّ (13 – 15 أكتوبر 2016) تحت عنوان "دراسات إسلاميّة ومسيحيّة في الرّحمة". سوف تُنشر أعمال المؤتمر التي أحدثت أصداءً قويّة في سلسلة "دراسات المعهد عربيّة الإسلاميّة" لعام 2017؛ لكنّ مجلّة "دراسات إسلاميّة مسيحيّة" شاءت تقديم عيّنة من خمس مقالات يمكنها أن تشهد لجودة هذا اللقاء أمام القرّاء الكرام.
يعود المقال الأول إلى نيافة الكاردينال فالتر كاسبر الذي ساهم بفضل أبحاثه بتحفيز وإغناء فكر البابا فرنسيس. قدّم في مداخلته الشيّقة والمقتضبة المعطيات الكتابيّة واللاهوتيّة المسيحيّة حول الموضوع، ولم يتردّد في استفزاز الجانب الإسلاميّ. تبعه إدراج مقال رامون هارفي حول "وحي الرّحمة على ضوء اللاهوت الإسلاميّ"، ومقال أنجيليكا نووايرث "الرّحمة: فاهيم الرّحمة وأسسها القرآنيّة"، وآخر لِمُستنصِر مير الأميركيّ الباكستانيّ في "مفهوم الرّحمة الإلهيّة في القرآن"؛ وأخيرًا وقع الخيار على مقال ديريك أنسورج "الرّحمة كَمُعضِلة لاهوتيّة" وعلاقتها بمفهوم العدل.
تُظهر المقالاتُ اللاحقة غِنى مضمون عدد المجلّة هذا: ففي قسم تأريخ العلاقات الإسلاميّة المسيحيّة كتب كلٌّ من مارك نازيلُفسكي بالمشاركة مع دييغو ساريو كوكاريلّا "الجدل الإسلاميّ في القرون الوسطى ضدّ العقيدة المسيحيـّة: نقد صالح بن الحسين الجعفري (ت 668/1270)، وجَوما فلاكير "عيسى بحسب ابن عربي: معلّم محبوب بطبيعتين، إنسانيـّة وروحيـّة"؛ وفي قسم الحوار في الظروف الراهنة ساهم كلٌّ من سيادة الأسقف جان مارك أفلين، وموريس بورمانس، وطوبيا شبيكير، وإينياسيو دي فرانشيسكو، وسامي الريّاحي الذي ترجم مقالاً لِجدعون لبزون "في تطوّر العرف مصدرًا من مصادر التشريع في الفقه الإسلاميّ
خُتم العدد بأقسامه المعتادة: "الأخبار والوثائق" لعام 2016، و"مراجعة الكتب" بالإضافة إلى "كتب وصلت إلى المعهد".