كان الحديث عن صفات الله وعن عبارات التجسيم (أنتروبومورفيسم) يعني بالنسبة للمحدّثين والمتكلّمين في القرون الأولى للإسلام البحث في الإجابة على السؤال الأساسي للمؤمن حول كيفية تمثيل الألوهة. وأصبحت مهمّتهم الأولى التوفيق بين أوصاف التجسيم الإلهية المتكررة في القرآن وبين تنزيه الله المطلق الذي يؤكّد عليه أيضًا القرآن نفسه. يقدّم هذا العدد الأخير من مجلة "دراسات عربية" بعضًا من هذه الجدالات عبر نصوصٍ، وإن كانت معروفة في الأوساط العلمية، لكن لم يتم تحليلها بعد بشكل كاف. والنصوص المختارة هي من بين تلك التي أدّت إلى إنشاء علم الكلام (السنّي) منذ لحظات التفكير المشترك الأُولى، في محاولة لتسليط الضوء على الجدالات، الدقيقة للغاية أحيانًا، التي كانت تدور بين أنصار الأساليب المختلفة لتفسير النص المقدس، وبناء على ذلك لتحديد محتوى ذاكرة الأمة. وتعكس النصوص المقدَّمَةُ في هذا العدد ثلاث فترات تاريخية معينة من تطور نشأة الإسلام، تتلاقى مع بعض المناطق الجغرافية التي شكّلت مهدًا لإنشاء فكر عقائدي خاص: منطقة خراسان، مدينتَي بغداد ودمشق.